كتبه: إبراهيم عقرب
أسّس المدرسة في عام ٧٤٩هـ / ١٣٤٨م الأمير شمس الدين شاكر بن غُزيل، المعروف بلقب ابن البقري، نسبة إلى قريته الأصلية "دار البقر" في محافظة الغربية، والتي تعرف اليوم باسم قرية الجابرية. وقد شغل ابن البقري منصبًا مهمًا في دولة المماليك، حيث كان ناظر الذخيرة في عهد السلطان حسن بن محمد بن قلاوون. ويمثّل هذا التحول الاجتماعي له قصة فريدة؛ إذ كان في الأصل نصرانيًّا وأسلم على يد الأمير شرف الدين بن الأزكشيّ، أحد كبار رجال الدولة وأستاذدار السلطان.
ولم يكن إنشاؤه للمدرسة أمرًا عاديًا، فقد وصفها المؤرخ المقريزي في "المواعظ والاعتبار" بأنها: > "أُنشئت في أبهى صورة، وأبهج ترتيب، وجُعل بها درس للفقهاء الشافعية."
وقد تولى التدريس فيها العالم الشافعي الجليل سراج الدين عمر بن علي الأنصاري، المعروف بـ "ابن الملقن"، كما تولّى الإمامة فيها المقرئ الفاضل زين الدين أبو بكر بن الشهاب أحمد النحوي. أما صلاة الجمعة، فقد أُقيمت لأول مرة بها يوم تاسع جمادى الأولى سنة ٨٢٤هـ / ١٤٢١م، بعد أن أُضيف إليها منبرٌ جديد، بإشارة من كاتب السر علم الدين داود الكوبر.
في عام ٧٦٧هـ / ١٣٧٤م، ودّع ابن البقري الحياة، ليُدفن داخل مدرسته، بجوار رسالته، كأنه أراد أن يظل فيها علمًا قائمًا حتى بعد رحيله.
ورغم ما مرت به من غفلة زمنية، ما زالت المدرسة البقرية تحيا في جدرانها حكاية رجلٍ بدأ من دار البقر، وسجّل اسمه في سجلّ العارفين.
إرسال تعليق