كتبه - صلاح هدايت
إن جذور المصريين تضرب إلى أعماق
أرضهم, و لقد آمنوا إيماناً لا يتزعزع بأن كل ما ينعمون به هو منحة من الآله
الأعظم, و ان عليهم دمج كل شىء فى إطار هذا النظام الكونى الذى خلقه الأله, و لقد
خلق الأله الذكر و الأنثى ليتكاملا و عليهما ان يقوما بدورهما المقدر و المحدد, و
لهما ان ينعما بالتقدير و الاحترام اللذين هما أهل لهما.
و بالطبع ان الآثار المصرية القديمة
ترسم لنا صورة للدولة التى كان للمرأة المصرية فيها دور كامل تؤديه, فهى الأم التى
تحظى بالأحترام و التبجيل و الفتاة او الزوجة التى تنصاع لقوانين اخلاقية صارمة, و
لكنها لا تمنعها من ان تعبر عن آرائها بحرية ولا تحرمها من أن تحظى بالأحترام و
التقدير.
فلقد تمتعت المرأة المصرية فى مصر
القديمة بأهلية قضائية كاملة, و كان لها استقلالها المالى عن الرجل و لها شخصيتها
القوية و اثرها على الحياة العائلية, فكان لها ان تدير الممتلكات العامة او
ممتلكاتها الخاصة بل و ان تتمسك بزمام الأمور فى البلاد, ولا يعنى هذا انها امراءة
تجردت من الانوثة و الجاذبية بل انها كانت امراءة فاتنة و جذابة, و كان لها الحق
فى اختيار شريك حياتها, و ان تصبح زوجة و اماً صالحة, حيث كانت تتقاسم مع زوجها يتقسمان
المسئوليات المعتادة فى اطار حياتهما الزوجية, و تسير بهما الحياة سيرها الطبيعى
بخيرها و شرها و كانت الخيانة الزوجية من الجرائم التى يلقى مقترفها عقاباً عنيفاً.
و توجد بمصر العديد من الآثار و
الحقائق التى حفظتها رمال مصر حتى نعلم عنهم و نتعلم منهم, و التى تبرهن على
المواهب الرفيعة التى تمتع بها المصريون القدماء, ذلك الشعب الذى ابدع حضارة
متقدمة فى ذات الوقت التى كان سكان اوربا قتبعين فى ظلمات الكهوف.
ويضيف صلاح هدايت بأن كلما توغلنا داخل الحضارة المصرية
القديمة تلك الحضارة التى نمت و نشاءت حول ضفاف نهر النيل, كانت منذ اوائل الحضارة
و بدايتها كانت الانثى فى مصر هى الربة و الآلهة و الزوجة المربية و المرأة
العاملة و صاحبت الصون و المنزلة العالية بل كانت الأم الملكية و كذلك الملكة.
و إذا كان تصوير الرجال على جدران
المقابر و المعابد و البرديات ليشيروا الى الكمال و القوة و الفحولة و دائماً ما
يصور كمحارب و صائد و عامل و البانى و المؤسس, اما الصورة الأنثوية فكانت تعبر عن
الحب و الأحتواء و الحماية والمشاركة الوجدانية فهى الزوجة و الحبيبة و الابنة و
الام و الباكية و النائحة وقت الفراق.
و من خلال النقوش التى عثرنا عليها منذ
فجر التاريخ تصور المرأة حسب مكانتها فى المجتمع و هى فى أجمل صورها سواء كانت
آلهة او ملكة او زوجة او حتى عاملة كالخادمات و التن كلن ما يصورن اثناء عملهم, و
شعورهن ينسدل فى نعومة.
و لم و لن يهمل الرجل المصرى نقش زوجته
بجانبه او يحاول الغاءها او يشعر بالعار لتدوين اسمها و القابها, بل نجده حين ينقش
اسمه و القابه يذكر اسم والده و والدته, و على كثير من الأبواب الوهمية* نجد الرجل
ينقش اسم و تصوير زوجته و بناته ان وجد, كما نجد تصوير للزوج و من خلفه زوجته
جالسة فى وقار و جلال و نعومه و دلال امام مائدة القرابين التى تحتوى على كل ما
تشتهى له انفسهم ليتناولوا منها و هما فى رحاب الابدية.
و قد وجد العديد من التماثيل المزدوجة
او التماثيل العائلية التى تصور الرجل فى حجم اكبر من حجم زوجته او حجم المرأة و
لكن ذلك لا يعنى التفرقة او اخلالاً بالمساواة المجتمعية و لكن لابراز ضخامة جسد
الرجل و ضخامته و فحولته مقابل جسد زوجته الأقل منه فى القوة و الفحولة.
إرسال تعليق