محمد صفوت نوفل يكتب : الأمير يشبك من ضريح مملوكي إلى منارة روحانية في قلب القاهرة

اشخاص شاهدوا الموضوع
محمد صفوت نوفل يكتب :  الأمير يشبك من ضريح مملوكي إلى منارة روحانية في قلب القاهرة

كتب - الاستاذ محمد صفوت نوفل 

بتوفيق من الله تعالى، أُقيمت صلاة الجمعة اليوم داخل مسجد قبة الأمير يشبك بن مهدي، المقابل للقصر الجمهوري بالقبة، في أجواء إيمانية مهيبة داخل فضاء معماري فريد يتسم بهدوءٍ روحي وجمال بصري نادر – هكذا افتتح الأستاذ محمد صفوت نوفل مقاله، واصفًا تلك اللحظة البهية التي جمعت بين الروح والعمارة.

ينتمي الأمير يشبك إلى فئة المماليك الشراكسة الذين جُلبوا إلى مصر في عهد السلطان الأشرف قايتباي، والذي اختاره ليكون أحد أركان الحامية العسكرية. وقد حظي الأمير بمكانة مرموقة لدى السلطان، وانعكس ذلك في المهام التي أوكلت إليه، إذ قام بإصلاح الطرق، وقاد حملات إلى الشام والعراق ومدينة الرها لقمع التمرد، كما حفر الآبار للمسافرين، وحوّل المقابر إلى حدائق وبنى القصور – كما أشار الأستاذ محمد صفوت نوفل في سرده التاريخي.



بعد وفاة الأمير، أمر السلطان قانصوه الغوري ببناء قصر إلى جوار قبة يشبك، واتخذ من هذا الموقع متنزهًا للأمراء، تتخلله الحدائق والسكينة. لكن لم يبقَ من ذلك المجمع الفاخر سوى القبة التاريخية. ويشير الأستاذ محمد صفوت نوفل إلى أن الأمير مصطفى باشا فاضل، شقيق الخديوي إسماعيل، قام ببناء ملحق للصلاة حول القبة، محولًا إياها إلى مسجد كامل. ثم جاء الخديوي عباس حلمي الثاني، الذي كان له الفضل في ترميم المساجد المصرية، وقام بتجديد المسجد بعناية فائقة.



بُني المسجد من الحجر الطبيعي، وقد حافظت الترميمات المتتالية على طابعه الأثري. للمسجد مدخلان، يعلوهما مقرنصات حجرية منحوتة، ويضم بابًا خشبيًا بسيطًا بمصراعين. وتُزيّن المقرنصات بثلاث صفوف من المحاريب الصغيرة، يتخلل كل منها شريطان من النحاس المزخرف، كما أوضح الأستاذ محمد صفوت نوفل.

فوق المدخل، تنتصب نوافذ صغيرة يعلوها عقد معماري يخفف الأحمال عن العتب الخشبي للباب. أما القبة من الداخل، فهي مشيّدة على مربع متساوي الأضلاع، يحمل شكلًا مُثمّنًا مرتكزًا على مثلثات مقلوبة تشكّل عقودًا مدببة. وتحت كل عقد توجد نافذة كبيرة بزخارف خشبية مفرّغة (أرابيسك)، تعلوها عقود حجرية بالألوان الأبلق الأبيض والأسود – في وصف فني دقيق نقله لنا الأستاذ محمد صفوت نوفل.




تتدلى من مركز القبة نجفة كريستال عصفور تضم 22 مصباحًا كهربائيًا مضاءً، بينما تحيط بالقبة 16 نافذة مزججة بالألوان، تُزيّنها زخارف هندسية من الداخل والخارج، وبين النوافذ آيات قرآنية، أبرزها من سورة النور وسورة الإخلاص، إلى جانب بعض الصور والنقوش القرآنية الأخرى، وفق ما دوّنه الأستاذ محمد صفوت نوفل.

أما المئذنة، فهي مبنية على الطراز العثماني، تبدأ بجسم مثمن القاعدة، يعلوه جسم أسطواني به شرفة واحدة، وتنتهي بـ قُمع مُسنّن، يجسّد الأسلوب العثماني المميز للمآذن.



وفي القسم الملحق من المسجد، الذي رُفع على أربعة أعمدة رخامية من معبد قديم، يوجد ضريح يُنسب إلى سيدي عمر الأنصاري، أحد عرب يثرب، والذي اشتهر بكراماته. ويؤكد الأستاذ محمد صفوت نوفل أن العديد من الزائرين يتوافدون إلى المقام للتبرك، والدعاء، وطلب الغفران والإصلاح، راجين أن يُؤجروا بـ "مقعد صدق عند مليك مقتدر".

1 تعليقات

  1. ما شاء الله الله اكبر ايه الجمال ده تسلم ايديك وعنيك عبرت عما يجيش في قلوب الأحرار

    ردحذف

إرسال تعليق

أحدث أقدم